تتخبط الحكومة الحالية الجديدة القديمة في تعاملها مع مشروع قانون ضريبة الدخل، فهي من جهة مضطرة لتعديله قبل بداية العام القادم وإلا ستكون النتائج وخيمة حسب تصريحات رموزها الأساسيين، وبسبب التعليمات الصارمة من صندوق النقد الدولي بضرورة زيادة إيرادات الحكومة للتخفيف من العجز والحد من تصاعد المديونية، ومن جهة أخرى مواجهة غضب الشارع الذي أتى بها الى سدة الحكم، وينتظر نتائج أدائها غير المتوازن للتحرك من جديد، وبين هذا وذاك يقف مجلس النواب الذي ينتظر للدفاع عن نفسه في مواجهة الاتهامات المتراكمة حول مواقفه.
لقد وضعت الحكومات السابقة جميعها، بسياساتها الاقتصادية الفاشلة وتغاضيها عن الفساد المنظم وربما المشاركة فيه، الحكومة الحالية في وضع لا تحسد عليه ولا يتمناه لها صديق أو عدو حتى بات حل المشاكل المزمنة والعجز المتكرر في كافة المتغيرات الاقتصادية يشبه المستحيل، ومنذ التحرك الجماهيري في الثلاثين من أيار وحتى الآن تتفجر في كافة القطاعات مظاهر الاحتجاج والمطالبة بتحسين الأوضاع وإعادة التوازن الى الجوانب المختلفة للاقتصاد الأردني والواقع الاجتماعي والسياسي المتدهور، فانتشرت الإضرابات والاحتجاجات، ووصلت الى عقر دار الحكومة ومؤسساتها … كل ذلك في ظل تصاعد المديونية المتسارع، وارتفاع مستويات البطالة، وزيادة معدلات الفقر والتضخم الذي لا تعكس حجمه الإحصاءات الحكومية بل يعكسه الواقع الذي يعيشه المواطنون والفقراء منهم بشكل خاص.
لقد أدى كل ذلك الى تخبط واضح بقرارات الحكومة الحالية ليس من السهل اخفائه، ولقد تمثل ذلك بتعهد الحكومة بسحب القانون الخلافي الذي أسقط حكومة الملقي، وبعد ان تحقق ذلك عادت الحكومة لتقدم مشروعا جديدا لا يختلف عن سابقه، وربما يكون أسوء في بعض الجوانب، ولقد تميز هذا المشروع بظاهرة غريبة وهي رفضه من قبل كافة الهيئات والقطاعات والأفراد الأمر الذي يضع الحكومة في وضع ليس معروف النتائج.
ان نقابتنا الممثلة لكافة العاملين في القطاع المصرفي والمالي والتأميني تؤكد بان إبداء الملاحظات على هذا المشروع من اجل تعديله ليس أمرا مجديا سواء من حيث الاعتراض على تخفيض الإعفاءات أو تخفيض الضريبة أو رفعها على بعض القطاعات، فمثل هذه الملاحظات تعني القبول بالمشروع من حيث المبدأ، وفي مقابل ذلك فإن اللجنة الإدارية للنقابة العامة تؤكد بأن سحب المشروع الحالي واعداد مشروع مقبول لا يأخذ بعين الاعتبار تعليمات الصندوق ومصلحة بعض الأطراف هو الطريق الوحيد للتصالح مع الشعب ومع الذات، رغم ان هذه القضية ليست سهلة على مثل هذه الحكومة التي جاءها الرد على مشروعها الحالي من لقاءاتها بالمواطنين في المحافظات المختلفة.
ان الهيئة الإدارية للنقابة العامة تؤكد بأن هذا المشروع لن يكون مقبولا حتى وان تم تمريره من مجلس النواب، فالحراك الحقيقي يأتي بعد ذلك.
الهيئة الإدارية للنقابة العامة للعاملين في المصارف والتأمين والمحاسبة
عمان في 15 / 10 / 2018